مقدمة عن الطهو الإيراني

يتميز الطهو الإيراني بتنوع كبير، وبسبب تنوع التربة، المناخ، ثقافة الجماعات العرقية، والوظائف الإقليمية، هناك اختلاف ملحوظ بين أنواع الطهو الإيراني المختلفة. بمعنى أن كل نوع من أنواع الأطعمة الإيرانية يستخدم التوابل، والخضروات، والفواكه المحلية المتاحة. الفرق بين الطهو الاحترافي والطهو المنزلي في إيران يكمن فقط في كمية الطعام، وأساليب الطهو في كل منهما تكون متماثلة؛ بمعنى أن الطاهي المحترف يقلد نفس الطهو الذي تقوم به النساء ربات المنازل ولكن بمقياس أكبر ومع المزيد من المعدات. هناك ميزات وقواعد في جميع الطبخات الإيرانية يمكن اعتبارها فريدة بالنسبة للإيرانيين، ومن بين هذه القواعد يمكن الإشارة إلى:

1. عادةً ما تتمتع الأطباق الرئيسية بطريقة طبخ متشابهة؛ في الواقع، يمكن اعتبار هذه الأطباق كنموذج يمكن من خلاله تحضير أطباق متنوعة أخرى. يعتمد هذا الأمر على مزج المكونات مع بعضها البعض وإبداع الطاهي.
2. الأطباق الإيرانية متوازنة ولطيفة، ولا يتم استخدام العطور القوية، البهارات الحارة، والتوابل المختلفة والألوان فيها كثيراً.
3. كان الوقود الرئيسي لمطابخ الإيرانية في الماضي هو الحطب والفحم أو روث الحيوانات؛ ومن هنا، كانت الحرارة المتوسطة والمنتظمة للفرن والموقد تجعل أنواع الأطباق الرئيسية الإيرانية مثل "چلو"، "پلو"، "خورش" و"آبگوشت" تكتسب طعماً ورائحة خاصة بعد طبخها بالكامل.
4. مصاحبة الأرز مع "الخورش" هي من الابتكارات في مدرسة الطهو الإيرانية. نظراً لأن الخضروات والفواكه والبقوليات كانت متوفرة أكثر مقارنة باللحم والدجاج والأسماك، كان الطاهي الإيراني يضيفها إلى الأرز، ويُعد الأرز الذي لا يحتاج إلى "الخورش". لفهم أفضل لمكانة الطعام بين الإيرانيين، بالإضافة إلى ما ذُكر، يجب الانتباه إلى ميزات الطبخ ودور الأشخاص الذين يتولون الطبخ (الطهاة) وكيفية الطبخ والأدوات المستخدمة. دور الطاهي هو أحد الأمور التي يعزز فهمها النظرة الصحيحة لمكانة الطعام بين الإيرانيين. في الماضي، عندما لم تكن أدوات الطبخ متقدمة ومتاحة كما هي اليوم، كان جزء كبير من وقت الطهاة يُخصص للطبخ؛ بحيث كانوا يقضون ساعات في توفير حرارة الطهي. الالتزام بقوانين الطهي ودور الطاهي في الطهو الإيراني له دور حاسم. في الماضي، كانت مطابخ الملوك الإيرانيين تحتوي على طهاة متخصصين، غالباً من الرجال، ليكونوا رؤساء الطهاة؛ حتى أن العديد من المرفهين والنبلاء كانوا يوظفون طهاة لتحضير الطعام اليومي. كان الطهاة يبدأون العمل منذ الساعة السادسة صباحاً لتحضير وجبة الغداء في الوقت المحدد. من العوامل المهمة والمؤثرة في الطهو الإيراني هي الأدوات والمعدات المستخدمة في الطهي. على سبيل المثال: توفير النار لطهي الطعام، والتي كانت تواجه صعوبة في فصل الشتاء. في الطهو المنزلي، كانت تُستخدم الأفران وأجهزة الطهي النفطية. من أسباب طعم الأطعمة اللذيذة في الماضي استخدام النار، مما يمنح الطعام نكهة مدخنة؛ واليوم، أثناء الرحلات العائلية، نقوم بالطهي على النار للاستمتاع بأجواء الطبيعة. سبب آخر لطعم الأطعمة الإيرانية اللذيذة في الماضي هو استخدام الأواني القديمة، وخاصة الأواني النحاسية، التي كانت تمنح الطعام نكهة خاصة. اليوم، تبين علمياً أن استخدام الأواني النحاسية والمعدنية في الطهي مفيد للغاية ويعزز من فائدة الطعام. بالإضافة إلى ذلك، تُعتبر طريقة "الطهي البطيء" و"نضج الطعام بالكامل" مميزة للطهو الإيراني مقارنة بأساليب الطهي الأخرى. ففي الثقافات الأخرى، ولأسباب متعددة، يتم إعداد الأطعمة بشكل سريع، وفي بعض الحالات، كما في الطهو الصيني، يتم قلي العديد من المكونات قليلاً أو تسخينها بشكل خفيف وتناولها نصف مطهية. في أوروبا، أصبحت هذه العادات الصينية شائعة إلى حد ما. ربما يكون الربط بين الطب والطعام في إيران قد أدى إلى اعتماد طريقة "الطهي البطيء" و"نضج الطعام بالكامل"، مما يضمن سلامة الطعام تماماً مع الحفاظ على المواد الغذائية. "المكونات" هي من العوامل الأخرى التي تؤثر في كيفية طهي الطعام. كانت المكونات الطازجة والخاصة دائمًا موجودة في وصفات الطهي الإيرانية. يعود هذا الامتياز في الطعام الإيراني إلى التنوع المناخي في إيران – مناطق حارة، باردة، صحراوية، بحرية، سهلية، وجبلية. الفواكه والخضروات التي تُنتج في هذا التنوع المناخي في إيران لا مثيل لها في العالم من حيث العطر والنكهة. الزعفران هو مثال صغير على المنكهات المميزة. اللحوم، الحليب، الزبدة والزيوت من هذه المنطقة تتمتع بتفوق على نظيراتها في المناطق الأخرى بفضل هذا التنوع. باختصار، الطهو الإيراني يتميز بتنوع لا مثيل له في الأطعمة والمكونات المختلفة، وهو فن ذو تاريخ طويل في إيران. الطهو الإيراني ليس فقط مميزًا من حيث الطعم والنكهة، بل أيضًا من حيث القيمة الغذائية. من الأرز والحساء بالتشكيلات المتنوعة إلى الكباب والحلويات الخاصة، كل منها يعكس الميزات الفريدة لثقافة وأذواق أهل هذه البلد.