مقدمة

أهم شيء يؤثر على آداب الطعام في إيران القديمة هو الدين والمذهب وثقافة كل منطقة. وليس هذا مقتصرًا على إيران فقط، بل كانت أوروبا ومناطق أخرى أيضًا تهتم بأساليب تناول الطعام وتحضيره بناءً على تعاليمها الثقافية والدينية. فيما يلي بعض هذه الآداب المهمة والممتعة على المائدة الإيرانية، والتي تعكس غنى الثقافة الإيرانية:

1-الأكل باليد:

كان الإيرانيون القدماء، مثل كثير من الشعوب في أنحاء العالم، يأكلون الطعام باليد، ولم يبدأ استخدام الملعقة والشوكة إلا في القرن الحادي عشر الميلادي. 2-الالتزام بالصمت أثناء تناول الطعام: كان الصمت أثناء الأكل أحد أهم المبادئ التي اعتقد بها الإيرانيون القدماء، ولا يزالون يلتزمون بها حتى اليوم. كانوا يعتقدون أنه إذا تحدث الشخص أثناء تناول طعامه، فإنه يغفل عن كمية الطعام وطريقة أكله، وهذا الغفلة تمنع أعضاء الجسم من الاستفادة الكاملة من الطعام. كان يعتقد أن الصمت أثناء الطعام يركز انتباه الفرد وجسمه على الطعام الذي يتناوله، وهذا التركيز يجعل الطعام يستقر في قلب وروح الأكل. ومن الملاحظ أيضًا أنه إذا احتاج أحدهم إلى شيء على المائدة، كان يشير إليه بهدوء حتى لا يخل بمبدأ الصمت أثناء الطعام.

3- التركيز على الطعام:

كثير من الأشخاص يخلطون بين هذا الجانب من آداب الطعام وبين الصمت. يجب أن تتذكر أن كل صمت لا يعني التركيز. فحتى لو كنت صامتًا ولم تلتفت إلى طعامك، فهذا لا يعني أنك مركز على تناول الطعام. التركيز على كل جزء من الطعام يتيح لجميع أعضاء الجسم الاستفادة القصوى من ما يتناوله، ويسهّل عملية الهضم.

4- تجنب الإفراط في الأكل:

من القيم الثقافية الأخرى لدى الإيرانيين القدماء تجنب الإفراط في الأكل. فقد أدرك أسلافنا أن الشراهة في الطعام تؤثر سلبًا على صحة الإنسان. كانوا يعتقدون أن أصل معظم الأمراض يعود إلى الإفراط وعدم الانتباه أثناء تناول الطعام، ولذلك كانوا ينهون عن الإفراط في الأكل ويعتبرونه عادة مذمومة.

5- تناول الطعام في الوقت المحدد:

كان أسلافنا في إيران القديمة يعلمون أنه إذا لم يُؤكل الطعام في أوقاته المحددة والمعتادة، فإن ذلك قد يسبب أضرارًا جسيمة للجسم. لذلك كانوا يؤكدون أن كل وجبة يجب أن تؤكل في وقتها المحدد، لأن الفوضى في مواعيد الطعام قد تضر بالمعدة والأمعاء.

6-تناول الطعام عند الشعور بالجوع:

يعتقد الإيرانيون أنه إذا أُكل الطعام عند الشعور بالجوع، فإن الشخص يأكله، أما إذا أُكل بدون شعور بالجوع، فإن الطعام هو الذي يأكله الشخص! هذه المقولة مهمة جدًا، فهي تشير إلى أن كل فرد يجب أن يتناول الطعام بقدر حاجته وعند شعوره بالجوع.پ

7-تناول الطعام معًا:

لا يزال بالإمكان ملاحظة أن معظم العائلات الإيرانية تؤكد على ضرورة تجمع جميع أفراد الأسرة أثناء تناول الطعام. هذه القاعدة كانت من أهم آداب الطعام في إيران القديمة، ولا يزال كثيرون يرون أن تناول الطعام بمفردك ليس مستحبًا.

8-قول الدعاء قبل وبعد الطعام:

من المؤكد أنك شاهدت في الرسوم المتحركة أو البرامج التلفزيونية مشهد شكر الله على النعم قبل تناول الطعام، والدعاء بأن يشبع جميع الجائعين. كان هذا الأمر شائعًا جدًا بين الإيرانيين القدماء، وما زال الكثير من الناس يلتزمون بمراسم الشكر قبل وبعد الطعام.

9-تجنب تناول الطعام في الأماكن العامة:

كان الإيرانيون يعتبرون هذه العادة غير لائقة، وكانوا يعتقدون أن الطعام يجب أن يؤكل في وقته ومكانه المحدد، في البيت أو في بيئة مناسبة، لذلك كان تناول الطعام أو الوجبات الخفيفة في الشوارع يُنظر إليه على أنه غير محترم ومهين. 10- عدم تناول الطعام أثناء المشي: كان الإيرانيون يعتقدون أنه للحفاظ على التركيز أثناء تناول الطعام، يجب الجلوس وعدم الحركة، لذا كانوا يجلسون حول المائدة لتناول وجباتهم.

11-أخذ لقيمات صغيرة وتناول الطعام ببطء:

من العادات الأخرى التي كانت تُراعى في إيران القديمة، الاهتمام بتناول الطعام ببطء وبأجزاء صغيرة. بالإضافة إلى ذلك، بعض آداب الطعام في إيران مستمدة من الإسلام كمعتقد ديني، في حين أن ما ذُكر سابقًا له جذور في الديانة الزرادشتية التي كانت تمارس في إيران قبل الإسلام. فيما يلي بعض العادات والآداب الإسلامية المتعلقة بالطعام التي لا تزال تُراعى في إيران الحالية: 1-ذكر الله عند بدء تناول الطعام. 2-الامتناع عن تناول الأطعمة المحرمة مثل لحم الخنزير ومنتجاته، وأنواع الخمر والمسكرات. 3-عدم تناول الطعام ساخنًا وبسرعة. 4-عدم التحدث والفم ممتلئ بالطعام. 5-استخدام المصلحات إلى جانب الطعام الرئيسي: يعتقد الإيرانيون وفق تعاليمهم الدينية والطبية أن لتجنب الضرر الناتج عن الأطعمة ذات الطبيعة الباردة وموازنتها، يجب تقديم المخللات أو الخضروات معها. وتنطبق نفس القاعدة على الأطعمة ذات الطبيعة الحارة جدًا. على سبيل المثال، يُعتبر الشبت مصلحًا للفاصوليا والبصل مصلحًا للكباب. كما يتم التأكيد على استخدام التوابل لتصحيح طبيعة الطعام وتحسينه.

في الختام

توجد في جميع أنحاء العالم وفي كل الشعوب آداب عامة للطعام يلتزم بها الجميع. لكن هناك أيضًا آداب خاصة بكل منطقة تستند إلى المناخ والثقافة والدين، ويجب مراعاتها عند تناول الطعام مع الآخرين لتجنب إحراج أو إزعاج المضيف. علماً بأن آداب الطعام في إيران القديمة تأثرت عبر الزمن بتغير الأديان، والحكومات، والأحداث التاريخية، إلا أن هناك بعض المبادئ الأساسية والثابتة التي لم تتغير منذ ذلك الحين، وما زالت تُعتبر جزءًا مهمًا من قواعد تناول الطعام بشكل منطقي ومرتب.