
خبز سنكك،أشهر خبز إيراني
إيران، بسبب تنوعها الثقافي والمحلي، تتمتع بتنوع غذائي كبير، وقد انعكس هذا التنوع على الغذاء الرئيسي للإيرانيين وهو "الخبز". في هذا المقال سنتحدث عن أشهر خبز إيراني، الذي يطلق عليه أيضًا "الخبز الوطني". اسم هذا الخبز اللذيذ هو "سنگک".
اسم هذا الخبز الإيراني المغذي يعود إلى طريقة خبزه. يُطهى خبز "سنگک" في فرن ساخن وعلى حصى. ترتبط هذه الطريقة التاريخية لطهي الخبز بحدثين تاريخيين في إيران. الحدث الأول يعود إلى الفترة بين 1587 و 1629 ميلادية وفي زمن حكم أحد الملوك الإيرانيين المسمى "الشاه عباس". حيث قام الشاه عباس، لتسهيل حياة الفقراء وجنوده الذين كانوا غالبًا في حاجة إلى خبز سريع ومؤقت أثناء السفر، بطلب الحل من "الشيخ بهائي"، وهو أحد العلماء البارزين في إيران. وبعد تفكير، اخترع الشيخ بهائي فرن خبز سنگک. أما الحدث الثاني الذي أدى إلى ظهور هذا الخبز الإيراني، فيعود إلى القرن السابع والثامن الميلاديين في فترة حكم الساسانيين في إيران. حيث أمر الطبيب الذي كان يعالج أحد الملوك بصنع خبز يتم طهيه على حصى أو رمل لعلاج مرض الملك.
"خبز سنگک الإيراني" يعتبر من أفضل أنواع الخبز في إيران وربما في العالم من حيث الطعم والهضم السهل والفوائد الصحية. يُصنع من دقيق قمح ممتاز مع نخالة، ماء نقي وملح. ويستخدم "العجين المخمر" لتخمير عجينة الخبز. لا تُستخدم أي مواد أخرى مثل البيكربونات الصوديوم في صنع هذا الخبز. كذلك، يمكن رش بذور مثل السمسم أو الحبة السوداء على الخبز لزيادة قيمته الغذائية. بالإضافة إلى ذلك، يحتوي هذا الخبز على كميات كبيرة من الفيتامينات، البروتين، الحديد والكالسيوم. ونظرًا لاحتوائه على نسبة عالية من الألياف، فإن هضمه سهل وقيمته الغذائية عالية. وهو مفيد للأشخاص الذين يعانون من الإمساك، مرضى السكر، مشاكل القلب والوقاية من السرطان. ومن المزايا الأخرى لهذا الخبز، هو فائدته للأطفال، حيث يساعد الحديد الموجود فيه على زيادة الذكاء وتحسين النمو وتطوير السلوك الجيد للأطفال. طريقة طهي هذا الخبز ما زالت تقليدية ويدوية، ولم تحظى الآلات والقوالب بقبول لدى الإيرانيين. في الطريقة اليدوية، توضع الحصى في قاع الفرن وتُسخن جيدًا، ثم يُفرد العجين على لوحة خشبية ويُوضع على الحصى الساخن لينضج. وإذا لم ينضج الجزء العلوي من الخبز، توضع شبكة أخرى فوق العجين ويُشعل النار فوقها لينضج بشكل متساوي. تدريجيًا، تطورت هذه الطريقة التقليدية لطهي الخبز لتصبح شبه ميكانيكية في إيران اليوم. من الأمور المثيرة للاهتمام أن مهنة خباز "نان سنگک" لم يكن بإمكان أي شخص ممارستها إلا إذا كان "خبازًا" أو "ابن خباز" أو على الأقل عامل خباز ذو خبرة. وكان الشرط الأساسي لهذه المهنة هو معرفة القمح، لأن القمح يختلف في خصائصه وجودته في كل جزء من إيران، ولذلك كانت معرفة القمح ودقيقه تتطلب خبرة وسجل كبير. إذا أردنا التحدث عن مكانة "نان سنگک" في ثقافة الإيرانيين، فعلينا أن نذهب إلى المناسبات السعيدة مثل حفلات العقد والزفاف. يضع الإيرانيون هذا الخبز مع العسل والسمسم على طاولة الزفاف ليكون رمزًا للبركة في حياة العروسين. كان "نان سنگک" في السابق خبزًا للطبقة الرفيعة والعسكريين، وربما لهذا السبب لا يزال يُعتبر جزءًا لا يتجزأ من بعض الأطعمة الراقية الإيرانية مثل "الكباب الإيراني" و"الدیزی" أو "الآب جوشت"، ويُقدم ساخنًا مع هذه الأطعمة في قوائم المطاعم. سبب آخر لقلة استهلاك هذا الخبز الإيراني هو أن خبازة الخبز كانت فصليّة. بمعنى آخر، في الماضي، كانت بعض المخابز تفتح فقط في الشتاء وشهر رمضان المبارك، ولهذا السبب لم يكن بإمكان جميع الطبقات الاجتماعية تناول "نان سنگک". جدير بالذكر أنه بالنسبة لإدارة وتشغيل مخابز "نان سنگک" في إيران هو أنها عادة ما تعمل على مدار السنة، ولذلك يجب على الخبازين تأمين استهلاك القمح والدقيق والاحتياجات الأخرى لمدة لا تقل عن عام وتخزينها في مكان مناسب وآمن وصحي.