المقدمه

مثل جميع شعوب العالم، لدى الإيرانيين طقوس خاصة لأعيادهم المهمة. منذ بداية الاحتفال بالنوروز، كان الإيرانيون يقومون بالعديد من الطقوس والممارسات المرتبطة بهذا العيد. ويمكن تصنيف هذه الطقوس من حيث الزمن إلى فترتين: قبل بداية النوروز وبعده، وسنذكرها فيما يلي.

أ: الطقوس قبل النوروز:

١. إنبات البذور الخضراء (سبزه‌سازی)

ترجع هذه العادة إلى الفترة ما بين 224 – 651 ميلادي. خلال هذه الفترة، كان الإيرانيون قبل 25 يومًا من بداية الربيع يبنون 12 عمودًا من الطوب الخام ويزرعون فيها أنواع الحبوب مثل القمح وغيرها، ثم ينتظرون لمدة 16 يومًا حتى تنمو النباتات. كانوا يعتقدون أنه كلما نمت النباتات بشكل أفضل، كانت المحاصيل في ذلك العام أفضل وأكثر وفرة. اليوم، تقوم النساء الإيرانيات قبل أسبوعين من النوروز بوضع الحبوب في أواني جميلة لتوضع لاحقًا على سفره هفت سين في يوم بداية السنة الجديدة.

٢. تنظيف المنزل (خانه تکانی)

في هذا التقليد، يسعى الإيرانيون إلى تنظيف المنزل بالكامل قبل بداية السنة الجديدة، من السجاد إلى الأسرة وكل محتويات البيت، استعدادًا لاستقبال السنة الجديدة.

٣. الأربعاء السوري (چهارشنبه‌سوری)

كان الإيرانيون القدماء يعتقدون أن الفروهر (روح المؤمنين المتوفين) تعود إلى منازلها في الأيام الأخيرة من شهر اسفند، أي قبل بداية السنة الجديدة، لمدة عشرة أيام. ولضمان ألا يضلوا الطريق، كانوا يشعلون النار على الأسطح، ويصلون، ويدعون بالسلامة والبركة. اليوم، اقتصر هذا التقليد على آخر أربعاء من العام. في الماضي، كان الإيرانيون بالإضافة إلى إشعال النار، يقومون بإلقاء الأواني القديمة والمكسورة من السطح على الأرض للتخلص منها.

٤. حاجي فيروز

يعد حاجي فيروز أحد رموز النوروز، حيث يظهر في الأيام الأخيرة من شهر اسفند مرتديًا ملابس حمراء ووجهه أسود ويحمل دائرة صغيرة، ويتجول في الشوارع ليبشر الناس بقدوم النوروز. يقوم بإنشاد أشعار النوروز والحصول على الهدايا والمكافآت من الناس.

ب: طقوس أيام النوروز

١. لعبة الملك أو مير النوروزي (شاه‌بازی / میر نوروزی):

كانت واحدة من الطقوس القديمة المنسية، حيث يُعيَّن أمير أو حاكم مؤقت لمنطقة، قرية أو حي بالقرب من عيد النوروز، وتستمر حكمه حتى اليوم الثالث عشر من فروردين. خلال هذه الفترة، كان الحاكم المؤقت يستطيع إصدار أوامر بالعزل والتعيين، والحجز والغرامة والمصادرة، مما كان يجلب البهجة والمتعة للناس.

٢. الغناء في النوروز (نوروزخواني / بهارخواني):

هو نوع من الغناء الذي يُنشد بمناسبة بداية السنة الجديدة، يصف الربيع والنوروز. هذا التقليد بقي فقط في جيلان ومازندران، بينما لم يعد يُمارسه باقي القوميات الإيرانية. في هذا الطقس، يخرج المغنون بمجموعات مع الآلات الموسيقية والطبل في الأحياء والقرى، ويغنون شعراً مرتجلاً لوصف الربيع والنوروز بلغات طبري وجيلكي.

٣. إعداد سفرة هفت سين (سبعة سين):

هي الرمز الأساسي لعيد النوروز بين الإيرانيين وما زالت قائمة حتى اليوم. تحتوي السفرة على سبع نباتات أو أطعمة تبدأ جميعها بحرف «سين»: تفاح (سیب)، براعم (سبزه)، سنجد، سماق، ثوم (سیر)، خل (سرکه)، سمنو. كما تُضاف عناصر أخرى مثل القرآن، المرآة، الشموع، البيض الملون، السمك الأحمر، الخبز والخضار، ماء الورد، الزهور، النقود المعدنية… وكل عنصر يرمز إلى معنى رفيع.

٤. تناول أطعمة مثل «رشته پلو» و«آش رشته»:

من المعتاد أن يكون الوجبة الأولى في السنة الجديدة هي رشته پلو أو آش رشته. القاسم المشترك بين هذين الطبقين هو وجود شرائط طويلة من عجين القمح (رشته). وفقًا للاعتقاد القديم، فإن تناول هذه الأطعمة يُساعد على نجاح كل أفراد الأسرة في أعمالهم طوال العام.

٥. الزيارات المتبادلة بالملابس الجديدة:

من الشائع بين الإيرانيين أنه بعد بداية السنة الجديدة، يرتدون ملابس جديدة ويزورون بعضهم البعض لتهنئة بعضهم بالعام الجديد. في هذا التقليد، يزور الأصغر سنًا كبار الأسرة أولًا، يجلسون عند سفرة هفت سين الخاصة بهم، ويحصلون على هدية نقدية أو عينية تُعرف باسم «عيدي» من كبار الأسرة.

٦. التنزه في الطبيعة في اليوم الثالث عشر من النوروز:

في اليوم الثالث عشر من الشهر الأول من الربيع، يخرج الإيرانيون مع العائلة أو الأصدقاء إلى الطبيعة للراحة والاستجمام. كانوا يعتقدون أن هذا التصرف يُبعد النحس عن السنة الجديدة. ومع مرور الزمن، لم يعد هذا الاعتقاد شائعًا، واليوم يُسمى هذا اليوم في التقويم الرسمي الإيراني يوم الطبيعة، ويُحتفل به احترامًا للطبيعة.